المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠٢٢

ما لم تقله الباسقة.

صورة
  في الفضاء الشاسع تبتلع الرمال كل الأشياء، تغطي عرض الصحراء الكبرى، ظاهرها كباطنها السحيق، يحسه المرء كلما توغل في أعماقها، أكثر جمالًا واكتمالًا. دفعني الفضول لاكتشفها، فتنقلت في نواحيها منفردًا، أجوب ما قدرني الله أنّ أجوبه، فاحصًا إياها بعين فكري، أتلقى ما توحي به من معانٍ مجردة.. هي المتجردة من كل مظاهر العمران الكاذبة، كل نبوءة تكشفها، صادقة. لم تبح بها لأي أحد. تمرّ أيام، تحن فيها الصحراء على الوحيد المنفرد، تكشف أسرارها في هدوء محبب، أحدق في السماء، يصفو الذهن، يتطهر من أدرانه، منظر السماء مرصعة بالنجوم، والأرض الفسيحة الممتدة، والرمال الناعمة.. السماء والأرض وهما يتقاطعان في بعدٍ واحد، لا نهاية له تحت مرأى العين.  صورة بها من التفاصيل ما يأخذ  بمجامع القلب. ثم تأتي تلك الأيام، فتقسو بشدة، أفقد حواسي من كثرة الأوهام، تتوه دروبي، ويأخذ الخوف يتدفق في روحي، كمن لم تطأ قدماه صحارٍ من قبل.. أرى نفسي مسكينًا شقيًا، تسلب مني بوارق الأمل؛ في إيجاد ما يشبه الحياة في هذا الشاسع. يثار السؤال "ألاّ تتفجر حياة من الجرداء المقفرة؟" ***     أسير هائمًا على وجهي، تزحف الكثبان نحوي،

لم تكن يومًا نهاية.

   مضى على عملي في إحدى المدارس العالمية شهرين ونيف، بعد انقطاع عن الحياة الاجتماعية، أسحب لزخم الحياة، في مكان يكتظ بالأرواح.. يخيلّ إلي أنّ الصمت الذي لازمني شهورًا طويلة، ستنقض عليه حيوية هذه الأرواح؛ لكنه ازداد حدة.  للصمت السطوة الأكبر، يطبق -في أكثر الأحايين- على العاملين في المدرسة.. ولندرة الالتقاء يد خفية، تبقينا -متى ما ألتقينا- صامتين، ولاختلاط الأعراق في المدرسة ذات اليد، التي تحرمنا سماع العربية والتحدث بها بعفوية، فنأثر الصمت على الحديث. لا يصبح الصمت عذبًا، إلاّ في أحضان الطبيعة الخضراء، في وسط الأشجار المعمرة.. وفي المدرسة منها العديد، تحت وطأتها، ومفاتنها، وأصواتها؛ تتبدد الوحشة المتوغلة في الصدر، يتوقف الزمن المتسارع عن الحركة، الزمن الذي يذكرني بقرب النهاية..  تصبح اللحظة أكثر إغراًء، عندما يخالجها نغم جميل، تألف نفسي سماعه.. في الزاوية المنعزلة، تجلس إحدى العاملات هربًا من وحشة الخارج.. تنشد ما شاء الله أن تنشد، بأعذب الألحان، نتفتح كمّا الزهور مع ألحان السرور، وما إن تتوقف أرمقها بنظرة ود، تفهمها وتكمل.  تنسل هي، أنسل أنا، تجمعنا الحديقة المخضرة في أوقات ندركها، ول